لا شك أن محاولة التركيز في مدرسة بعينها، لا تعني تقليل من قيمة المدارس الأخرى الدينية أو التشكيك في شرعية معتقداتها، ولكن من باب الانبهار بأحد المفكرين يكون دافعاً لمحاولة الكشف عن آرائه فكراً ونظاماً ومنهلاً للعلم والمعرفة، والكشف عن الطرائق والأساليب التي استعملها في الجوانب الفكرية والتطبيقية في حياته، لاسيما إذا كانت شخصية البحث على قدر من الأهمية، إذ تمتد إلى مساحة واسعة في وعي جماهيره وأتباعه بخاصة، والتراث العربي الإسلامي بعامة.
إن التوصل إلى حقائق التاريخ لم يكن عملية بسيطة , فهو عملية شاقة إن لم تكن مستحيلة، لاسيما إذا علمنا أن من يكتب التاريخ هم الحكام والمنتصرون ، فغالباً هم الذين يثبتون في سجل التاريخ ما تحلوا أنفسهم وأهوائهم من أطايب الأحداث والدروس والعبر. ومع ذلك فانَّ العمل البحثي لا يفقد أهميته ، فليس من المعقول أننا لا نتمكن من سبر أغوار الجوانب المجهولة من العلم ، ولاسيما إذا كانت هناك روحاً وثابةً تعمل بالجد والجهد ، دون التعذر بأنَّ ظروف الدراسات الفكرية ما زالت غير مؤاتية بعد ، لأنَّ إهمال هذا الجانب من تراث الأمة قد يبلغ درجة خطيرة من التردي في استمرار مسيرتها ومواصلتها مع استمرار سير عجلة التقدم في العالم ، ومثل هذا الإحساس هو شيء تتطلبه المصلحة الانسانية ويعد جزءاً من مسؤولية الباحثين .
فكل الإخفاقات التي عانيناها بالماضي والحاضر ، كانت نتيجة جهلنا للآراء والأفكار التي صنعت ثقافتنا وحضارتنا ، وهذا ما قادنا إلى تبعية فكرية لا تتضح آثارها في مجال كما ، تبرز في ميدان الفكر التربوي ، إذ نقلنا الكثير من آراء ونظريات تربوية غربية من أوطانها وحاولنا غرسها في بلداننا العربية والإسلامية، ومن ثم كانت نتيجته الخضوع الفكري الذي خلق في نفوس ناشئة الأمة الوهن والإحساس بالضعف اتُجاه الأمم الأخرى ، وفيه طمس لروح الإبداع والتطوير في الميادين كافة، ومنها الميدان التربوي ، لارتباط أكثر الدراسات التربوية بما أفرزته نظريات علماء الغرب والشرق وقوانينهم مرتكزة على أسلوب النقل والتقليد الأعميين .
بناءً على ما تقدم فان البحث الحالي تكمن أهميته في سبره غور التراث ومدى الإفادة من نتاج ما ورثناه من منجزات ضخمة في الجوانب الفكرية والعلمية والتربوية، لنقف على أرض صلبة لمواجهة التحديات الحضارية والمعرفية المعاصرة والمشحونة بالأزمات والصعوبات ، وهي مستجدات تحاصر الإنسان العربي المسلم من كلِّ جهة ، ليس بالاستطاعة التغاضي عنها وتجاهلها .
والفكر التربوي الإسلامي يمثل جزءاً مهماً من الفكر الإنساني المتراكم عبر التاريخ، مهماته متعددة وهي قائمة على فروض أساسية وآراء موجهة لتعبئة الإمكانات التي تساعد على حل المشكلات على وفق المواقف التربوية المبنية على الغايات والأهداف المنبثقة من رحم الدين الحنيف بمصادره المتعددة للإصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة .
كذلك يتسم الفكر التربويّ الإسلاميّ بالشمولية واتساع النظرة إلى الإنسان ككلًّ وكيان متكامل له جسد وروح وعقل وشعور وإحساس . وهذه النظرة الكلية ثبتتها معظم المذاهب والنظريات والأصول الدينية والفلسفية التي نشأت وتطورت في ظل خيمة الإسلام وثقافته وحضارته ، في متبنياتها وطروحاتها نتيجة لاستجابتها الداعية لمجمل الظروف والبيئات الحضارية المختلفة التي تواجدت فيها.
لذلك حاول الباحث تسليط الضوء على جانب مهم من تراث الأمة ممثلة بما جاء به الأمام الصادق (عليه السلام) والأمام زيد بن علي (عليه السلام) من أفكار غنية بالآراء والتنظيرات والتطبيقات العملية في الميادين التربوية كافة ، لما تمتلكه هذه الآراء من مقومات تكاد تكون خير زاد في العملية التعليمية لبناء وإعداد الأجيال المتعاقبة وتوجيه السلوك العام في أطار المنظومة الاجتماعية المنشودة .
وعليه يكون مرمى البحث هو أبراز الفكر التربوي والآراء والتطبيقات التربوية للإمامين (عليهما السلام).
ويقع البحث الحالي في خمسة فصول : الفصل الأول منها يتناول مشكلة البحث وأهميته وهدفه وحدوده وتحديد المصطلحات الواردة فيه . أما الفصل الثاني: وفيه مبحثان : المبحث الأول : يدور حول الإطار النظري والمتمثل بالقوى والعوامل التي أنتجت فكر الإمامين . والمبحث الثاني يتناول الدراسات السابقة وأما الفصل الثالث فيتكون من مبحثين : الأول منهما شمل استعراضاً عاماً لمراحل تكوين فكر الإمامين (عليهما السلام) ، وأما الثاني فيبرز فيه الإطار الفلسفي لمواقف الإمامين (عليهما السلام) تُجاه مجمل ما يتعلق بالجوانب الحياتية والروحية .
أما الفصل الرابع فيتضمن المبادئ والآراء والتطبيقات التربوية المهمة فيما يتعلق بأركان العملية التربوية والتعليمية المتمثلة بـ(المعلم والطالب والمنهج الدراسيّ).
في حين اختص الفصل الخامس بالاستنتاجات والتوصيات والمقترحات التي توصلت اليها الدراسة .
نقلا عن :.
أطروحة تقدم بها
إلى مجلس كلية التربية / ابن رشد - جامعة بغداد ، وهي جزء من متطلبات نيل شهادة دكتوراه فلسفة آداب في (أصول التربية)
الباحث حسين رحيم عزيز الهماشيّ
بإشراف
الأستاذ الدكتور
مقداد إسماعيل الدَّبَاغ
جمادى الآخرة 1432 هـ بغداد آيار 2011م
إن التوصل إلى حقائق التاريخ لم يكن عملية بسيطة , فهو عملية شاقة إن لم تكن مستحيلة، لاسيما إذا علمنا أن من يكتب التاريخ هم الحكام والمنتصرون ، فغالباً هم الذين يثبتون في سجل التاريخ ما تحلوا أنفسهم وأهوائهم من أطايب الأحداث والدروس والعبر. ومع ذلك فانَّ العمل البحثي لا يفقد أهميته ، فليس من المعقول أننا لا نتمكن من سبر أغوار الجوانب المجهولة من العلم ، ولاسيما إذا كانت هناك روحاً وثابةً تعمل بالجد والجهد ، دون التعذر بأنَّ ظروف الدراسات الفكرية ما زالت غير مؤاتية بعد ، لأنَّ إهمال هذا الجانب من تراث الأمة قد يبلغ درجة خطيرة من التردي في استمرار مسيرتها ومواصلتها مع استمرار سير عجلة التقدم في العالم ، ومثل هذا الإحساس هو شيء تتطلبه المصلحة الانسانية ويعد جزءاً من مسؤولية الباحثين .
فكل الإخفاقات التي عانيناها بالماضي والحاضر ، كانت نتيجة جهلنا للآراء والأفكار التي صنعت ثقافتنا وحضارتنا ، وهذا ما قادنا إلى تبعية فكرية لا تتضح آثارها في مجال كما ، تبرز في ميدان الفكر التربوي ، إذ نقلنا الكثير من آراء ونظريات تربوية غربية من أوطانها وحاولنا غرسها في بلداننا العربية والإسلامية، ومن ثم كانت نتيجته الخضوع الفكري الذي خلق في نفوس ناشئة الأمة الوهن والإحساس بالضعف اتُجاه الأمم الأخرى ، وفيه طمس لروح الإبداع والتطوير في الميادين كافة، ومنها الميدان التربوي ، لارتباط أكثر الدراسات التربوية بما أفرزته نظريات علماء الغرب والشرق وقوانينهم مرتكزة على أسلوب النقل والتقليد الأعميين .
بناءً على ما تقدم فان البحث الحالي تكمن أهميته في سبره غور التراث ومدى الإفادة من نتاج ما ورثناه من منجزات ضخمة في الجوانب الفكرية والعلمية والتربوية، لنقف على أرض صلبة لمواجهة التحديات الحضارية والمعرفية المعاصرة والمشحونة بالأزمات والصعوبات ، وهي مستجدات تحاصر الإنسان العربي المسلم من كلِّ جهة ، ليس بالاستطاعة التغاضي عنها وتجاهلها .
والفكر التربوي الإسلامي يمثل جزءاً مهماً من الفكر الإنساني المتراكم عبر التاريخ، مهماته متعددة وهي قائمة على فروض أساسية وآراء موجهة لتعبئة الإمكانات التي تساعد على حل المشكلات على وفق المواقف التربوية المبنية على الغايات والأهداف المنبثقة من رحم الدين الحنيف بمصادره المتعددة للإصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة .
كذلك يتسم الفكر التربويّ الإسلاميّ بالشمولية واتساع النظرة إلى الإنسان ككلًّ وكيان متكامل له جسد وروح وعقل وشعور وإحساس . وهذه النظرة الكلية ثبتتها معظم المذاهب والنظريات والأصول الدينية والفلسفية التي نشأت وتطورت في ظل خيمة الإسلام وثقافته وحضارته ، في متبنياتها وطروحاتها نتيجة لاستجابتها الداعية لمجمل الظروف والبيئات الحضارية المختلفة التي تواجدت فيها.
لذلك حاول الباحث تسليط الضوء على جانب مهم من تراث الأمة ممثلة بما جاء به الأمام الصادق (عليه السلام) والأمام زيد بن علي (عليه السلام) من أفكار غنية بالآراء والتنظيرات والتطبيقات العملية في الميادين التربوية كافة ، لما تمتلكه هذه الآراء من مقومات تكاد تكون خير زاد في العملية التعليمية لبناء وإعداد الأجيال المتعاقبة وتوجيه السلوك العام في أطار المنظومة الاجتماعية المنشودة .
وعليه يكون مرمى البحث هو أبراز الفكر التربوي والآراء والتطبيقات التربوية للإمامين (عليهما السلام).
ويقع البحث الحالي في خمسة فصول : الفصل الأول منها يتناول مشكلة البحث وأهميته وهدفه وحدوده وتحديد المصطلحات الواردة فيه . أما الفصل الثاني: وفيه مبحثان : المبحث الأول : يدور حول الإطار النظري والمتمثل بالقوى والعوامل التي أنتجت فكر الإمامين . والمبحث الثاني يتناول الدراسات السابقة وأما الفصل الثالث فيتكون من مبحثين : الأول منهما شمل استعراضاً عاماً لمراحل تكوين فكر الإمامين (عليهما السلام) ، وأما الثاني فيبرز فيه الإطار الفلسفي لمواقف الإمامين (عليهما السلام) تُجاه مجمل ما يتعلق بالجوانب الحياتية والروحية .
أما الفصل الرابع فيتضمن المبادئ والآراء والتطبيقات التربوية المهمة فيما يتعلق بأركان العملية التربوية والتعليمية المتمثلة بـ(المعلم والطالب والمنهج الدراسيّ).
في حين اختص الفصل الخامس بالاستنتاجات والتوصيات والمقترحات التي توصلت اليها الدراسة .
نقلا عن :.
أطروحة تقدم بها
إلى مجلس كلية التربية / ابن رشد - جامعة بغداد ، وهي جزء من متطلبات نيل شهادة دكتوراه فلسفة آداب في (أصول التربية)
الباحث حسين رحيم عزيز الهماشيّ
بإشراف
الأستاذ الدكتور
مقداد إسماعيل الدَّبَاغ
جمادى الآخرة 1432 هـ بغداد آيار 2011م